لا يظن أحد أن العلاقة بين الإخوان وأمريكا بدأت منذ أشهر أو منذ سنوات قليلة، فالعلاقات موغلة في القدم، فحتى ولو تجاوزنا بداية إنشاء الجماعة وتبعيتها للمخابرات البريطانية، وفقًا للوثائق الثابتة تاريخيًا والتي لا يستطيع أحد أن ينكرها وخاصة أن بعضها مستمد من الإخوان ومن كتاب حسن البنا (مذكرات الدعوة والداعية)، ثم وصولًا لتسلّم المخابرات الأمريكية ملف الإخوان من المخابرات البريطانية بعد ثورة 23 يوليو ومحاولة الأمريكان زعزعة الاستقرار في البلاد واستخدام الإخوان لضرب المشروع القومي العربي الذي كان عبدالناصر يقوده، فإن المخابرات الأمريكية أعادت النظر في علاقتهم بالإخوان وقامت بتطويرها، وفقًا لمنهجية جديدة ورؤية مستقبلية تستهدف إنشاء الإمبراطورية الأمريكية الكبرى التي لا تغيب عنها الشمس في كل بقاع العالم.
كان ذلك عام 1975 حيث خرج إلى الوجود من الأمن القومي الأمريكي مجلد ضخم تحت اسم «مشروع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية لحقبة الثمانينيات» أما الذين شاركوا في هذا العمل الضخم فهم أكبر العقول الاستراتيجية في أمريكا، كان منهم سايروس فانس، وأنطوني سلومون، وهارولد براون، وبريجينيسكي.
يتلخص هذا المجلد الضخم في كلمتين، هما «التفكيك المنضبط» لاقتصاد العالم، فكرة التفكيك هذه تقوم على إشاعة الفوضى الاجتماعية، والحروب الإقليمية بين الجارات، والحروب الأهلية في الدولة الواحدة، وسيترتب على هذا زيادة نسبة الوفيات في العالم، فيما يشبه الإبادة، وستكون هذه الإبادة بيد سكان كل منطقة، لا بيد الدول الصناعية الكبرى، ولكي يؤتي المشروع ثماره يجب أن يكون تفكيك دول المنطقة عن طريق إشاعة الفتن الدينية والعرقية والحدودية، فلينقسم الشرق الأوسط إلى «سنة» و«شيعة» ثم فلينقسم العالم السني إلى أنصار الدولة الاسلامية وخصومها، ومن الأفضل تضخيم الروح العنصرية بين أبناء الدولة الواحدة، وليكن ما يكون.
ثم ماذا بعد؟ ما الذي سيحدث، وكيف سيستفيد «العالم الصناعي العملاق» من هذا الأمر؟ ستقوم حروب في المنطقة لا شك. وفقًا لنبوءة خطة التفكيك وستشتعل فتن طائفية وعرقية حينما يتم تغذية مدخلاتها، وأكبر تغذية ستكون بتولية الإسلاميين الحكم في بيئة صالحة للاضطراب والاشتباك العقائدي، ولكن هل ستجني أمريكا من تلك الحروب أرباحًا؟ الربح هو الذي يدير العقلية الأمريكية، هو المسيطر على طريقتها في الإدارة، سواء كان الحكم عندهم «جمهوريًا» أو «ديموقراطيًا» فهو هو، أمريكا في كل الأحوال هي المرابي «شيلوك» بصورته الحديثة المتطورة، هي المرابي الذي يريد اقتطاع أرطال اللحم من جسد العالم، وفي الشرق جسد على أتم الاستعداد لتقطيع لحمه، أذكر الآن وأنا أكتب هذه السطور مقالة كتبها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن أمريكا قال فيها وفق ما بقي في ذاكرتي من أفكار هذا المقال عبارة صارخة موحية، هي «أمريكا ليست دولة بالمفهوم الذي نعرفه للدول والأمم ولكنها شركة استثمارية كبرى، تدير نظامها بعقلية التاجر الرأسمالي الكبير» لذلك فإن خطوات أمريكا في السياسة لا تبحث إلا عن الربح، ولا تتجنب إلا الخسارة، فكيف ستكسب من سياسة تقسيم الشرق وتقطيع لحمه؟
كانت طريقة الاستفادة واضحة في المجلدات التي احتوت على نبوءات أمريكا «الدولة الراسبوتينية» إذ ورد في مجلدات النبوءة «أن النظام المالي والاقتصادي العالمي يحتاج إلى إصلاح كامل بما يضمن وقوع قطاعات دواليبه الرئيسة تحت إدارة عالمية واحدة، على أن يتولى الإشراف على تلك الآلية المستحدثة – فريق من المديرين التجاريين المستقدمين من شركات متعددة الجنسيات والبنوك الأنجلوأمريكية، وتهدف إعادة التنظيم على الوجه المذكور إلى القضاء على مفهوم الدولة الوطن وخلق مفهوم آخر يقوم على إشراف عالمي موحد يكون في يد الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي» الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي!.
استطردت النبوءة الراسبوتينية في شرح النتائج، فقالت: سينشغل العالم الشرق أوسطي بنفسه، وسيندمج في صراعاته، ولن يلتفت لتطوير نفسه وتحديث معارفه، وسيعود حتمًا للوراء عشرات السنين، وبذلك سيظل في حاجة شديدة إلى دعم أمريكا له عن طريق مؤسساتها، وسيظل تابعًا ذليلًا لا يستطيع أن يبرم أمرًا إلا من خلالنا، وسنضع الرؤساء ونستقدم الحكام كما نشاء، وسيجبرهم صندوق النقد الدولي على أتباع السياسات الاقتصادية التي نريدها…. إنه حقًا مخطط الشياطين، وكل شيطان يبحث عن دنياه.
كان ذلك عام 1975 حيث خرج إلى الوجود من الأمن القومي الأمريكي مجلد ضخم تحت اسم «مشروع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية لحقبة الثمانينيات» أما الذين شاركوا في هذا العمل الضخم فهم أكبر العقول الاستراتيجية في أمريكا، كان منهم سايروس فانس، وأنطوني سلومون، وهارولد براون، وبريجينيسكي.
يتلخص هذا المجلد الضخم في كلمتين، هما «التفكيك المنضبط» لاقتصاد العالم، فكرة التفكيك هذه تقوم على إشاعة الفوضى الاجتماعية، والحروب الإقليمية بين الجارات، والحروب الأهلية في الدولة الواحدة، وسيترتب على هذا زيادة نسبة الوفيات في العالم، فيما يشبه الإبادة، وستكون هذه الإبادة بيد سكان كل منطقة، لا بيد الدول الصناعية الكبرى، ولكي يؤتي المشروع ثماره يجب أن يكون تفكيك دول المنطقة عن طريق إشاعة الفتن الدينية والعرقية والحدودية، فلينقسم الشرق الأوسط إلى «سنة» و«شيعة» ثم فلينقسم العالم السني إلى أنصار الدولة الاسلامية وخصومها، ومن الأفضل تضخيم الروح العنصرية بين أبناء الدولة الواحدة، وليكن ما يكون.
ثم ماذا بعد؟ ما الذي سيحدث، وكيف سيستفيد «العالم الصناعي العملاق» من هذا الأمر؟ ستقوم حروب في المنطقة لا شك. وفقًا لنبوءة خطة التفكيك وستشتعل فتن طائفية وعرقية حينما يتم تغذية مدخلاتها، وأكبر تغذية ستكون بتولية الإسلاميين الحكم في بيئة صالحة للاضطراب والاشتباك العقائدي، ولكن هل ستجني أمريكا من تلك الحروب أرباحًا؟ الربح هو الذي يدير العقلية الأمريكية، هو المسيطر على طريقتها في الإدارة، سواء كان الحكم عندهم «جمهوريًا» أو «ديموقراطيًا» فهو هو، أمريكا في كل الأحوال هي المرابي «شيلوك» بصورته الحديثة المتطورة، هي المرابي الذي يريد اقتطاع أرطال اللحم من جسد العالم، وفي الشرق جسد على أتم الاستعداد لتقطيع لحمه، أذكر الآن وأنا أكتب هذه السطور مقالة كتبها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن أمريكا قال فيها وفق ما بقي في ذاكرتي من أفكار هذا المقال عبارة صارخة موحية، هي «أمريكا ليست دولة بالمفهوم الذي نعرفه للدول والأمم ولكنها شركة استثمارية كبرى، تدير نظامها بعقلية التاجر الرأسمالي الكبير» لذلك فإن خطوات أمريكا في السياسة لا تبحث إلا عن الربح، ولا تتجنب إلا الخسارة، فكيف ستكسب من سياسة تقسيم الشرق وتقطيع لحمه؟
كانت طريقة الاستفادة واضحة في المجلدات التي احتوت على نبوءات أمريكا «الدولة الراسبوتينية» إذ ورد في مجلدات النبوءة «أن النظام المالي والاقتصادي العالمي يحتاج إلى إصلاح كامل بما يضمن وقوع قطاعات دواليبه الرئيسة تحت إدارة عالمية واحدة، على أن يتولى الإشراف على تلك الآلية المستحدثة – فريق من المديرين التجاريين المستقدمين من شركات متعددة الجنسيات والبنوك الأنجلوأمريكية، وتهدف إعادة التنظيم على الوجه المذكور إلى القضاء على مفهوم الدولة الوطن وخلق مفهوم آخر يقوم على إشراف عالمي موحد يكون في يد الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي» الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي!.
استطردت النبوءة الراسبوتينية في شرح النتائج، فقالت: سينشغل العالم الشرق أوسطي بنفسه، وسيندمج في صراعاته، ولن يلتفت لتطوير نفسه وتحديث معارفه، وسيعود حتمًا للوراء عشرات السنين، وبذلك سيظل في حاجة شديدة إلى دعم أمريكا له عن طريق مؤسساتها، وسيظل تابعًا ذليلًا لا يستطيع أن يبرم أمرًا إلا من خلالنا، وسنضع الرؤساء ونستقدم الحكام كما نشاء، وسيجبرهم صندوق النقد الدولي على أتباع السياسات الاقتصادية التي نريدها…. إنه حقًا مخطط الشياطين، وكل شيطان يبحث عن دنياه.